فصــــل: ونؤمن بملائكة الله تعالى
وأنهم {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 26، 27]. خلقهم الله تعالى من نور فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19، 20]. حجبهم الله عنا فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سدّ الأفق، وتمثل جبريل لمريم بشرًا سويًا فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وعنده الصحابة بصورة رجل لا يُعرف ولا يُرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ فأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ ووضع كفيه على فخذيه، وخاطب النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وخاطبه النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أصحابه أنّه جبريل. ونؤمن بأنّ للملائكة أعمالًا كلفوا بها، فمنهم جبريل الموكل بالوحي، ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله. ومنهم ميكائيل: الموكل بالمطر والنبات. ومنهم إسرافيل: الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور. ومنهم ملك الموت: الموكل بقبض الأرواح عند الموت. ومنهم ملك الجبال: الموكل بها. ومنهم مالك: خازن النار. ومنهم ملائكة موكلون بالأجنّة في الأرحام، وآخرون موكلون بحفظ بني آدم، وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 17، 18]. وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه فـ {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27]. ومنهم الملائكة الموكلون بأهل الجنة {يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 23، 24]. وقد أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أن البيت المعمور في السماء يدخله ـ وفي رواية يصلي فيه ـ كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.